حين نتحدث عن الحضارة المصرية القديمة فإننا نتذكر كم نحن أمام عصر مهيب أنشأ عقولاً عظيمة ، فكما نعلم نحن في يومنا هذا قوة العقل الباطن وقوة الإعتقاد وتأثيره على أفعالنا، فقد اكتشف أجدادنا منذ آلاف السنين مدى تأثير معتقداتهم على تقدم الحضارة ومن المعتقدات التى أثرت كثيرا في إزدهار الحضارة هو إنتصار قوى الخير على قوى الشر في نهاية المطاف.
وعليه، فقد ألفوا العديد من الأساطير اهمها أسطورة "إيزيس وأوزوريس" فتعال معي لنسردها سويا ..
"أوزوريس" .. ملكاً عادلاً على شعب مصر أحب شعبه ،فأحبوه و"إيزيس" .. زوجته المحبة التي أتقنت فنون السحر وسخرتها لصالح مصر وشعبها.
كان لـ "أوزوريس" أخاً يدعى "ست" يشتعل في قلبه الحقد من ناحية أخيه "أوزوريس" ويريد انتزاع الحكم منه ؛ لذلك دبر مؤامرة محكمة لقتل أخيه. أمر "ست" بصناعة تابوتاً من الذهب ليناسب مقاسات "أوزوريس" تماماً وأقام وليمة كبيرة دعا إليها أعوانه و أخيه "أوزوريس" ووعد بإهداء هذا التابوت الجميل لمن يناسب مقاسه. وبالفعل بدأ المدعوون بتجربته وحين جاء دور"أوزوريس" أغلق عليه "ست" التابوت بمساعدة أعوانه وألقاه في نهر النيل فمات "أوزوريس" غرقاً.
لم تقف "إيزيس" مكتوفة الأيدي، بل بحثت كثيراً عن التابوت حتى وجدته ولكن للأسف، لم تجد زوجها داخله ، فقد وصل "ست" إلى التابوت أولا فقطع جسد أخيه إلى 14 قطعة ووضع كل قطعة في مكان بعيداً عن الأخر .
استخدمت "إيزيس" سحرها ، فتحولت لطائر وطافت جميع الأنحاء حتى اهتدت للأشلاء الـ 14 لزوجها وجمعته، فردت إليه روحه لفترة وجيزة أنجبت خلالها إبنها "حورس" ثم عاد "أوزوريس" كملكاً على مملكة الاموات . ربت "إيزيس" ابنها "حورس" في أحراش الدلتا بعيداً عن أعين "ست" وأعوانه . وحين اشتد ساعده عادت به إلى الوادي ليطالب بحقه في العرش .
بالطبع رفض "ست" التنازل عن العرش بل شن حروباً ضد إبن أخيه وأراد قتله إلا أن العدالة الإلهية أبت أن ينتصر "ست" ، بل أدانته الآلهة على أفعاله ونفي ليحكم الصحراء وانتصرت قوى الخير فاعتلى "حورس" عرش أبيه وحكم الشعب كما اعتاد ابيه ان يحكم فأحبوه وأحبهم.
و على أراضي المعركة بين "ست" و"حورس" ، اقترب لتسمع حكايتهم في عرض ممتع يحكي لك كيف دبر "ست" لقتل أخيه وكيف صُدم "أوزوريس" حين أغلق أخيه التابوت عليه.. اقترب لترى على الجدران قهر "إيزيس" حين وجدت التابوت فارغاً وعزتها حين اعتلى "حورس" العرش.. اقترب لترى كيف دارت المعركة وكيف تدخلت الآلهة لتحمي "حورس" وتنصره على شر عمه "ست" ؛ لترى تلك الملحمة مصورة على جدران معبد إدفو بينما تنصت لتفاصيلها فتأخذك في تجربة خيالية لا تود تفويتها من خلال عرض الصوت والضوء بمعبد إدفو